بعد الجدل الذي رافق عزل الكاتب المغربي سعيد ناشيد من وظيفته كأستاذ للفلسفة في مدينة سطات، أصدرت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بلاغا توضيحيا، قالت فيه إن القرار "إداري صرف" و "تؤطره القوانين الجاري بها العمل، والتي تسري على جميع موظفي القطاع العمومي".
وقالت الوزارة إن المعني بالأمر مثل أمام المجلس التأديبي الجهوي بتاريخ 12/11/2020 وذلك على "إثر تقاعسه وتقصيره في أداء واجبه المهني، وغيابه غير المبرر عن العمل، واستغلاله للرخص الطبية لغير العلاج، ومغادرته التراب الوطني بدون ترخيص، فضلا عن عدم احترامه الرؤساء المباشرين وتجاوزه قواعد التراسل الإداري".
وتابعت أن "المشكل بدأ عندما أدلى المعني بالأمر بشهادة طبية مدتها 30 يوما ابتداء من 12/09/2019، وعلى إثر التوصل بها، أجرت المديرية الإقليمية مراقبة إدارية على المعني بالأمر بتاريخ 01/10/2019 فتبين لها عدم استعمال المعني بالأمر للرخصة الطبية للعلاج؛ فوجهت له أمرا باستئناف العمل بتاريخ 02/10/2019، حيث توصلت بجواب منه يشير فيه إلى استعماله الرخصة الطبية للعلاج، مع تضمينها عبارات تتجاوز قواعد التراسل الإداري".
كما أشارت إلى أن المعني بالأمر لم يستجب لإجراء الفحص الطبي المضاد، مبرزة أنه أمام هذه الوضعية، تم تكليف لجنة إقليمية بالبحث والتقصي في السلوك المهني للمعني بالأمر، فوجدته في رخصة طبية مدتها 3 أشهر ابتداء من 21/10/2019، ولفت البلاغ إلى أنه في هذه الأثناء، نشر المعني بالأمر على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وتدوينات يصرح فيها بمشاركته في تأطير أنشطة وندوات فكرية بأماكن مختلفة معززة بملصقات في مؤسسات عمومية.
وفي إطار التدابير الإدارية الرامية إلى مراقبة التغيبات عن العمل، يشير البلاغ، راسلت المديرية الإقليمية السلطات المختصة بخصوص مغادرة المعني بالأمر التراب الوطني، فتبين من خلال جوابها أنه غادر التراب الوطني عبر مطار محمد الخامس الدولي من 15/4/2019 إلى 17/4/2019 ثم من 30/9/2019 إلى 03/10/2019 وهي المدة التي نفى فيها المعني بالأمر مغادرة التراب الوطني بموجب رسالته الجوابية بتاريخ 19/11/2019 عن الاستفسار الموجه إليه تحت عدد 3467.1 بتاريخ 30/10/2019، مقدما بذلك معلومات مغلوطة ومضللة للإدارة.
وتبعا لذلك، يضيف المصدر ذاته، تم عرض ملف المعني بالأمر على أنظار المجلس التأديبي الجهوي بتاريخ 12/11/2020، حيث اقترح في حقه عقوبة الإقصاء المؤقت مع الحرمان من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية لمدة ثلاثة أشهر، مبرزا أنه ونظرا لكون العقوبة التأديبية المقترحة لا تتلاءم وطبيعة الأفعال المرتكبة من طرف المعني بالأمر، فقد اقترحت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي تشديد العقوبة التأديبية في حقه برفعها إلى عقوبة العزل من غير توقيف الحق في التقاعد، وهو المقترح الذي حظي بموافقة رئيس الحكومة.
ناشيد يتهم جهات ظلامية
وكان ناشيد قد نشر تدوينة مطولة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك حظيت بتفاعل كبير، اتهم فيها حزب العدالة والتنمية بالوقوف وراء عزله، وقال إن "جهات ظلامية نافذة تريد أن تراني أتسول، انتقاما مني لما أكتبه، ورغبة في إذلال المشروع الذي أمثله، كما أن الجهة المقابلة تخلت عن واجبها في حماية القانون".
وعكس ما جاء في بلاغ الوزارة، كان ناشيد قد قال إنه "ومنذ ما يقارب عشرين عاما، لا أتوفر على أي تقرير سيئ من طرف أي مدير أو مفتش أو أي رئيس من الرؤساء المباشرين، بل كل التقارير جيدة، لا أتوفر علي أي تغيّب غير قانوني على الإطلاق".
وتابع أن "كل الشواهد الطبية التي أنجزتها مصادق عليها من طرف اللجنة الطبية المختصة، لم أقترف أي جنحة أو جريمة".
وحظي ناشيد بحملة دعم واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن قبل بعض الجمعيات الحقوقية، وفي بلاغ لها قالت المنظمة المغربية لحقوق الانسان أنها تتابع القضية بقلق شديد، وأضافت أن "المنسوب إلى الأستاذ سعيد لا يقتضي مثل هذه العقوبة الإدارية القاسية، خاصة وأن المجلس التأديبي قد قرر إيقافه لمدة ثلاثة أشهر وهو عقاب مشدد أصلا رغم عدم توفر النصاب المقبول خلال انعقاده".
وعبرت عن تخوفها "من أي توظيف للإدارة قصد تصفية حسابات هدفها تأديب المعني بالأمر، انطلاقا من أفكاره التي يعبر عنها في العلن، عبر كتبه ومقالاته ومحاضراته المتعددة".
ودعت "وزارة التربية الوطنية الى التراجع الفوري عن هذا القرار، والتخفيف من العقوبة التي أقرها المجلس التأديبي".